عرفتها بجمالها و عقلها و جنونها و هدوئها وعزة نفسها و بهائها و كبريائها و طيب نفسها و صدقها و علمها و عنفوانها و صفائها و استقلاليتها
إنني أتكلم عن فتاة كانت الصدفة حليفة حظي في اللقاء بها في تلك الفترة العصيبة في حياتي حينما ضاقت بي السبل و غلقت أمامي الابواب و تبعثرت معي الاوراق و نسيت طريقي و انغمست في الركون و الكسل العدول
طريقتي لم تكن كما أنا الآن كنت متجهما عصبيا تائها بلا أمل شاردا بلا عمل ناطقا بألفاظ عيبوني فيها و عيروني بها و مع ذلك إنتشلتني مع أنها لم تكن مثلي تماما و لكنها أوقفتني قائلة : إنفض عنك هذا كله و دع روحك تتكلم بما في قلبك لا بلسانك و عقلك المراوغ
من أنتي ؟ نظرتي اليها فابتسمت تلك الابتسامة التي حيرتني و اذهلتني و دفعتني بأمل و أنستني بتفائل و بددت كل ما كان ليكن من اليوم إنسان جديد
اهتز قلبي .. ذهل عقلي .. بياض اللون من بدر قد أشرق و بنور الشمس قد أذهل سكونا و أهداني دفئا و بسط حنانا بحلم في اليقظة تجرد .. رقة الخدود من نبت الورود .. كم في العيون من شجون و سحر يسافر بالرموش بإطلالة حاجبين كالسيوف .. ليست شفاه بل معاني فيها إمتنان و حسن اقتناع .. أنف بالعزة اعتلى و بعرش الملوك إغتلى و بعزة هام و إفتتن .. شعر في سواد الليل و رقة الحرير إنسدل .. بعقد العنق إمتهن و إنتفض .. مع طول قامة إنتصب جسد بخصر اشتكي ضمة النخيل نحيلا .. ناهدة الثديين مكسرة البطن بقوام سبحان المبدع .. تحدثت و لم أعرف لحديثها كلاما الا بإشارة إصبعها و حركة يدها بخفة دم و سعة صدر و روح شرحة .
إتطمأننت لها و فتحت صدري معها و انتحبت حديثا عندها و شكوتها و سهرتها و عددتها و واعدتها و سكت لها و سمعتها و حكيتها و عرفتها و عرفتني و أحالتني من يائس بائس لجديد بلا ماض بلا أحزان بلا أهوال بلا ظلام فنورها و سكونها و تلك روحها و علمها و غيرتها الممتدة حتى لظلي و صمودها في التحدي
غيرتني بددتني الى ما أنا عليه الآن فإشكروها و إدعولها و أعلموها أنني أحبها حبا لو وزع على العاشقين لكفاهم
دعوة شكر لا تكفي و بكاء دم لا يوفي فهي جميلة من بعيد و مليحة من قريب و شريفة في عز أهلها و ذليلة في ذات نفسها و مواتية لروحها بورد عطرها
حبيبتي إعذريني .. أهديكي كل كتب العشق و الجمال .. أدعوكي بكل صفات الدلال .. أخاطبك بلفظة الامراء و حكمة النبلاء .. وحدكـ حبيبتي
زهرة البنفسج
أحمد خليل عرابي